أثناء قراءتي لكتاب سيرة مدينة لعبد الرحمن منيف ، أنه يستعيد ملامح مكان في زمن معين أعتمادا على الذاكرة وحديث إنسان عن مدينة تعني له شيٍ خاصاً فكانت هذه المدينة تعني له وقع خاص في نفسه وانه قطع عهداً على نفسه وكتب وفاءً لهذه المدينة وقد حاول في هذا الكتاب أن يكتب عن بعض الملامح والمحطات وهو يعرف إن ما تركه أكثر مما دونه لفت نظري أمر هام ، ألا و هو عمّان الثقافة في الأربعينات ، و كيف كان للثقافة و لهواة المطالعة الذوق الخاص العريق ، فتلك الصفحات التي نقلتها اليكم الآن من الكِتاب هيَ التي جعلتني أبحث في أوراق عمّان القديمة و أشهر المجلات و الصحف في تلك الفترة فبحث في كتابه وجريدة الراي ومواقع اخرى
في أربعينات الماضي ، أخذ عدد الذين يتخرجون في جامعات دمشق و بيروت و القاهرة ، يعودون إلى عمان ، يتزايد و يتضاعف سنة بعد سنة أخرى ، بحكم المؤهلات و الكفاءة ، و الموقع الاجتماعي لعائلات بعضهم ، يلعبون أدوار متميزة في المجتمع ، من خلال المناصب التي احتلوها ، و من خلال الأفكار الجديدة التي حملوها و أخذوا يعملون بها
ترافق هذا مع انتظام أكثر من السابق لوصول المجلات و الصحف المصرية ، ففي يومي الاثنين و الخميس ، كان عدد من الصبية يقف في شارع فيصل لانتظار وصول سيارة بيروت حاملة الصحف و المجلات الى مكتبة يوسف فهمي ، و توزع على الصبية ، فما تكاد تصل الى ايديهم حتى ينطلقوا في كل الاتجاهات و أصواتهم تلعلع : (الإثنين) ( المصور) (الأهرام)
كان ليوم وصول الجرائد و المجلات الى عمّان نكهة خاصّة ، و كان يشتريها بالإضافة إلى المتعلمين و السياسيين ، عدد من التجار و الوجهاء ! ،و لأن بعض هؤلاء لا يعرف القراءة و الكِتابة ، كانت تُقرأ لهم ، يقرأها أحد الأبناء ، أو واحد من المتعلمين ، و تظل أخبارها مجالاً للتداول و التفسير ، المتعدد ، و بعض الأحيان المختلف ، إلى أن تأتي جرائد أخرى ، أو إلى حين التأكد من صحتها بالمقارنة مع إذاعة برلين ، و ما يقوله يونس بحري!
و في فترة الحرب بدأت تصل مجلات كبيرة ملونة ، و تحوي كماً من المواضيع و المعلومات المتنوعة ، بما فيها أخبار الحرب و انتصارات الحلفاء . كانت هذه المجلات متعددة و متنوعة من حيث المواضيع و الألوان و مواعيد الصدور ، و بعضها يصدر بأوقات متباعدة نسبيّاً ، و كان تلاميذ العبدلية (يغازلون) هذه المجلات من وراء الزجاج في مكتبة الصفدي ، إلى أن يتجمع القرش و النصف لمغامر منهم فيشتري واحدة
جميلة هي تلك الفقرات التي اكتتبها منيف واصفاً عمّان الثقافة ، عمان الثقافة البسيطة ، بأطفالها المتهافتين على المجلات و الصحف المصرية التي كانت تصل من البعيد و ينتظرون قدومها يومين في الأسبوع ! ، إن ما زاد نشاط القراءة و الثقافة هو الأحداث التي كانت تجري حول عمّان في تلك الفترة ، من الحرب العالمية الى الأحداث الجارية في مصر ، فقد كانت تلك الأحداث تهم العمّانيين فيتخذون من الصحافة البدائية ملاذاً لمعرفة ما يجري حولهم
إن من أشهر مكتبات عمّان القديمة و التي انقرضت الآن هي مكتبة فهمي يوسف المصري ، فهمي يوسف الذي كان يعمل مدرّساً في إربد ويتمتع بثقافة عالية، وتقع المكتبة في منتصف شارع الملك فيصل، قرب البنك العربي حالياً ، كان معروفاً بين زبائنه باسم مكتبة المصري بسبب أصوله المصرية. وثقافته العالية تلك هي التي جعلته يُحوّل مكتبته إلى ما يشبه منتدى ثقافياً وسياسياً. وكان مستعداً لمناقشة زبائنه في أحداث الساعة المحلية والعربية والدولية، وكذلك حول ما يرد في الصحف والمجلات التي ترده من أحداث، وبخاصة أن أوائل الأربعينيات من القرن الماضي شهدت نشوب الحرب العالمية الثانية، وكان معظم زبائنه من كبار الشخصيات والمثقفين وأصحاب الفكر والأدب ، لذين يتناقشون مع فهمي يوسف كانوا يتمتعون بتذوق ثقافي مميّز قلّ أن تجده من جيل اليوم. كما أن المستوى الثقافي والصحفي للصحف والمجلات التي كانت ترد الى مكتبته هي أعلى من مثيلاتها اليوم. وللأسف فإن بعضها توقف عن الصدور ، فمنها مجلة مسامرات الجيب ، و ريدرز دايجست و هي مجلة أمركية شهرية ، وكانت تترجم إلى العربي باسم المختار ، و مجلة الإثنين، و مجلة الصباح ، و مجلة البعكوكة مجلة فكاهية مصرية قديمة ، كتب ورسم بها العديد من الكتاب الساخرين ورسامي الكاريكاتير المصريين
توقف نشاط مكتبة فهمي يوسف العام 1950 فانتقل نشاطها إلى مكتبة الأمير طلال لصاحبيها يوسف ورمزي العالم البسطامي، وأصبحت ملتقى كبار الشخصيات والمثقفين وعشّاق المطالعة، ويحدث أن يتناقش زبائن الأخوين بسطامي معهما في أمور الساعة محلياً وعربياً، وما زالت المكتبة صامدة في موقعها الحالي، ولكن بعد وفاة صاحبيها لم تعد تؤدي الدور الذي كانت تلعبه أيامهما
إن من أشهر المجلات التي كانت متداولة في ذلك الوقت هي مجلة المصور ، مجلة المصور هي واحدة من أقدم المجلات التي أصدرتها دار الهلال، حيث صدر عددها الأول في 24 أكتوبر 1924 وواكب ذلك مجموعة من الأحداث في مصر والعالم العربي سجلتها المجلة وتابعتها بالكلمة والصورة بشكل أكسبها شعبية واضحة بين القراء ، و ما زالت تصدر أسبوعياً حتى الآن
و من بين تلك المجلات و الجرائد تبرز أيضاً جريدة الأهرام ، و هي مجلة مصرية مرموقة تأسست من عام 1875 ، بدأت كجريدة أسبوعية بأربع صفحات، ثم تطورت إلى يومية
يقول أحمد حسن أبو زياد أقدم بائع للجرائد و الكتب في عمان و و الذي يمتلك ابنه الآن مكتبة الطليعة الحديثة حاليّاً في مقابلة له مع جريدة الرأي : كنا نحن باعة الصحف ننهض من النوم عند اذان الفجر ننتظر وصول الجرائد اليومية من القدس حيث نتواجد بجانب محلات عزيزية التي تقع قرب مطعم هاشم الشهير حتى تصل السيارة المحملة بالجرائد لمكتبة الملك طلال لصاحبها البسطامي.. ثم نأخذ نحن الباعة الصغار بالتزاحم في محاولة لكل واحد منا ان يستلم جرائده اولا او ثانيا مثلا لكي ننطلق لبيع الصحف واصطياد مشتري الجرائد في الصباح الباكر.. وكانت عملية تنافس فيما بيننا حتى يبيع البائع منا اكثر من زميله جريدتين او ثلاثا ولنربح قروشا قليلة.. فقد كان ثمن الجريدة قرشا ونصف القرش فقط.. وكنا نربح في الجريدة عدة فلوس فقط.. وفيما بعد زاد ثمن الجريدة اليومية وصارت بقرشين ثم قرشين ونصف ثم ثلاثة ثم خمسة
اما عن الصحف التي كانت في الاربعينات والخمسينات مثلا يذكر ابو زياد انه باع وتعامل مع الصحف اليومية التالية: جريدة الاردن لصاحبها خليل نصر، وجريدة الدفاع للشنطي، وجريدة فلسطين للعيسى، وجريدة الصريح لهاشم السبع وكانت تباع هذه الصحيفة بكثرة
وكانت صحف اردنية اخرى مسائية تصدر بعد الظهر في عمان مثل جريدة المساء، وجريدة الجزيرة لصاحبها تيسير ظبيان. ثم هناك صحف صدرت فيما بعد من السنين، ولا ننسى اخبار الاسبوع ايضا
و من المجلات و الصحف المصرية التي تصل الأردن منهاهناك : المصور وآخر ساعة وروز اليوسف والاثنين وحواء ومجلة مسامرات الجيب ومجلات الاطفال سمير وميكي.. الخ. اما الجرائد المصرية التي كانت منتشرة في عمان ولها زبائن فهي: الاهرام، الاخبار، الجمهورية، المصري، لكن اكثر جريدة مصرية كان عليها اقبال كبير هي الاهرام وبالذات يوم الجمعة حيث مقال محمد حسنين هيكل الاسبوعي على الصفحة الاولى اذ كنا نحن باعة الصحف نصرخ على مقال هيكل لتجشيع الغراء بل لشراء الجريدة.. وكانت جريدة ساخرة اسمها البعكوكة عليها اقبال كبير في عمان. ولم يقتصر توزيع وبيع الصحف والجرائد في عمان على الصحف الاردنية والمصرية فقد كان هناك توزيع للصحف اللبنانية ايضاً ولها قراؤها ايضاً مثل مجلات الاسبوع العربي والصياد والشبكة والموعد ثم جرائد الحياة والنهار والانوار.. وفيما بعد المحرر. كذلك الصحف الكويتية في الستينات والسبعينات كانت كثيرة هذا ما بحث عنه في ثلاث مواقع وأعطيتني هذه المعلومة واعتقد لا زال هناك الكثير والسؤال الذي يطرح نفسه هل نتأمل يوماً برجوع الجريدة والمجلة الورقية ونتعلم قرأتها مرة أخرى ؟مثلما كانت في الماضي قرائتها طقوس من طقوس الصباح هذه الصحيفة بكثرة
وكانت صحف اردنية اخرى مسائية تصدر بعد الظهر في عمان مثل جريدة المساء، وجريدة الجزيرة لصاحبها تيسير ظبيان. ثم هناك صحف صدرت فيما بعد من السنين، ولا ننسى اخبار الاسبوع ايضا
و من المجلات و الصحف المصرية التي تصل الأردن منهاهناك : المصور وآخر ساعة وروز اليوسف والاثنين وحواء ومجلة مسامرات الجيب ومجلات الاطفال سمير وميكي.. الخ. اما الجرائد المصرية التي كانت منتشرة في عمان ولها زبائن فهي: الاهرام، الاخبار، الجمهورية، المصري، لكن اكثر جريدة مصرية كان عليها اقبال كبير هي الاهرام وبالذات يوم الجمعة حيث مقال محمد حسنين هيكل الاسبوعي على الصفحة الاولى اذ كنا نحن باعة الصحف نصرخ على مقال هيكل لتجشيع الغراء بل لشراء الجريدة.. وكانت جريدة ساخرة اسمها البعكوكة عليها اقبال كبير في عمان. ولم يقتصر توزيع وبيع الصحف والجرائد في عمان على الصحف الاردنية والمصرية فقد كان هناك توزيع للصحف اللبنانية ايضاً ولها قراؤها ايضاً مثل مجلات الاسبوع العربي والصياد والشبكة والموعد ثم جرائد الحياة والنهار والانوار.. وفيما بعد المحرر. كذلك الصحف الكويتية في الستينات والسبعينات كانت كثيرة هذا ما بحث عنه في ثلاث مواقع وأعطيتني هذه المعلومة واعتقد لا زال هناك الكثير والسؤال الذي يطرح نفسه هل نتأمل يوماً برجوع الجريدة والمجلة الورقية ونتعلم قرأتها مرة أخرى ؟مثلما كانت في الماضي قرائتها طقوس من طقوس الصباح