صانع السعادة

103

الأردن اليوم _ عاطف النمر

بعد غربة امتدت 74 عاما وخمسة شهور على الأرض، لم يقو الصديق العزيز الكاتب الكبير لينين الرملى على الصمود أكثر من ذلك فى وجه المرض الذى طال وأتعبه، فرحل من غربته الأرضية الزائفة إلى عالم آخر من الطهر والنقاء والسلام والمحبة معد لمن كانت نفوسهم طيبة وسلامهم مع النفس منعكسا على سلامهم مع الآخرين، وأستطيع أن أجزم أن راحلنا لينين تمتع بهذه الصفات الطيبة وله ما له وعليه ما عليه باعتبار ان البشر غير معصومين من الخطأ.
سنين طويلة تقترب من 45 عاما عرفت فيها لينين الرملى من خلال كتاباته وتوثقت الصداقة بيننا بعد المعرفة والالتقاء الشخصى، اتفقنا واختلفنا فى رؤى فنية تتعلق بمضامين ما كان يكتب، لكن المحبة ورقى الحوار وقبول الاختلاف فى وجهات النظر لم ينقطع بيننا، وتلك هى سمة شخصية لينين الرملى التى انعكست فى أعماله المسرحية والتليفزيونية والسينمائية.
لينين الرملى ” صنايعى ” بكل معنى كلمة ” صنايعى ” فى الدراما الكوميدية وهى من أصعب أنواع الكتابة، فمن السهل ان أجعلك تبكى وتتأسى وتتوجع بالمآسى التراجيدية، ومن الصعب أن اجعلك تضحك من نفسك، وتدهش من سلوكياتك التى لا تراها، وأجعلك تعيد التفكير فيما تصنعه لنفسك من مشاكل.
نشأ لينين الرملى وتربى فى بيت يسارى، وحسبه البعض على تيار اليسار وهو لم يكن يساريا، وهاجمه اليسار عندما اكتشف ذلك، وأثبت لينين بكتاباته أن عقيدته الإنسانية ولا نقصد العقيدة الدينية هى ” الحرية ” وانتمائه لا ينفصل عن ” الليبرالية “، وحزبه الوحيد الذى يؤمن به هو ” الديموقراطية “، وكل هذه الدلالات نجدها فى النصوص التى قدمها مع محمد صبحى عندما كانا شريكين ونقرأها فى ” وجهة نظر-أنت حر-تخاريف-المهزوز ” وغيرها من العروض المسرحية، ونراها متجسدة فى فيلم ” البداية ” مع صلاح أبو سيف الذى بلور فيه ايمانه العميق بالديموقراطية وقيمة ان يكون الإنسان حرا له وجهة نظر.
أخلص من هذه الكلمة الموجزة القصيرة إلى أن لينين الرملى كاتب من الوزن الثقيل، ويتفوق فى مسرحه على اسماء كبيرة فى الكتابة المسرحية بدون ذكر اسماء بما له من وجهة نظر لا يحيد عنها ويترصد بها أعداء الليبرالية والديموقراطية، ينحاز دائما فى اعماله للبسطاء ويحرضهم على ان يكون لهم رأى حر ومعيشة أفضل بتفكير منطقى وإرادة واعية.

اترك رد