العرب وحدهم لا يخشون كورونا

103

الأردن اليوم _ ماهر أبوطير

كل أسلحة الدول، وقنابلها النووية، وعلومها، وثرواتها، كل هذا التسلط السائد من الدول القوية على الضعيفة، كل هذا الطغيان، بين الافراد، والدول، والأنظمة، يسقط بالضربة المباشرة امام مجرد فيروس، لم يتوقعه احد، ولم ينتظره احد في عام السعد 2020.
ما أضعف الانسان، بكل قوته وغروره، وما أضعف الدول أيضا، أمام بدايات وباء عالمي، وهو وباء مقبل على الطريق، ما لم تأتنا الأيام بلقاح او دواء، من أجل إنهاء هذه الحالة ؟.
الفيروس من الصين الى ايران الى الدول العربية وصولا الى أوروبا والولايات المتحدة، ينتقل من بلد الى بلد، لا يمنعه احد، ليس بحاجة الى تأشيرة، ولا قوة امنية قادرة على وقفه او ملاحقته، ولا كل أسلحة الدمار الشامل قادرة على قهره، وكأنه يقول للبشرية إنكم اضعف بكثير مما تظنون، وتأتيكم الأيام بما يثبت هشاشة حياتكم بكل ما تعنيه الكلمة.
اذا استمر انتشار الفيروس بهذه الحالة، وهذا مجرد افتراض، فنحن امام تقطيع لخريطة العالم، فكل الدول ستغلق حدودها خوفا من الوباء، وحركة الطيران والسفر والسياحة سوف تنهار، والاقتصاديات الكبرى سوف تنهار، وأسعار النفط بدأت بالانهيار أساسا، وأسعار الأسهم انهارت وفي طريقها الى ما هو أسوأ، وكل شيء ينهار عدا أسعار الذهب.
قد نصل الى حالة لا يخرج فيها المرء من بيته، ولا يذهب الى وظيفته، ولا يعمل عامل في مصنع، ولا طبيب في مستشفى، ولا ينجب زوج من زوجته خوفا من الوباء.
الصين بكل قوتها تنهار امام الكارثة، المصانع تتوقف، التصدير يتراجع، وسفر الصينيين انخفض جدا، وتلبية الطلبيات الصينية انخفضت ايضا، والمرء يفر من أبيه، خوفا من المرض الذي تسبب بخسائر بمئات المليارات واكثر حتى الآن للاقتصاد العالمي، وصولا الى إلغاء المؤتمرات والتجمعات الكبرى سواء الدينية او الثقافية او الرياضية، خوفا من الوباء.
ما يزال بيننا من يؤمن بنظرية المؤامرة ويقول ان كل القصة لمصلحة الاميركيين، لتدمير الصين وايران معا، والبعض الآخر يقول ان الوباء سيتم تركه لينتشر حتى مرحلة معينة، فتخرج دولة او شركة دواء وتعلن عن اللقاح وتبيعه بعشرات المليارات، وآخرون يؤكدون ان الوباء سوف ينتهي مع نهاية الشتاء، وفريق ثالث يهون من القصة ويقدم لك ارقاما عن ضحايا الانفلونزا العادية كل عام، او حتى ارقام ضحايا الحروب.
الحمد لله نحن في العالم العربي، لا يوجد لدينا شيء نخسره، دول فاسدة، وشعوب بلا حياة او مستقبل، لا استثمارات، ولا مرافق وبنى تحتية، والجهل يعم كل مكان، والبطالة والفقر، وغياب التعليم والخدمات الصحية، ولربما يكون الفيروس هو الحل الوحيد لنا، بحيث نعود الى العصور الحجرية، التي ما ابتعدنا عنها كثيرا، فماذا لدينا في العالم العربي من مكتسبات، حتى نخاف الفيروس، فيما يموت بيننا الملايين سنويا، بالحروب والصراعات وجراء المرض وغياب الخدمات الصحية، او تسلط الأنظمة في حالات ثانية؟.
العالم امام مسربين فقط، اما اكتشاف لقاح للفيروس، وتجاوز هذه المحنة، خلال وقت قريب بحيث يتنفس العالم الصعداء، وإما الاستسلام للواقع، وعندها سيتحول العالم الى جزر معزولة، وسينهار العالم اقتصاديا، وقد بدأت آثار التراجعات الاقتصادية تظهر وفقا للتقارير الدولية، والمؤشرات تقول ان المزيد قادم في الطريق، وسط عالم تبلغ مديونيته ارقاما فلكية ومذهلة، وتعادل ثلاثة اضعاف انتاجه الاقتصادي.
العلم تعامل مع قضايا اكثر تعقيدا، وما يزال الرهان قائما على إيجاد حل، وحتى تلك اللحظة علينا ان نرقب بعيوننا كيف ان الفيروس بات هو القوة العالمية الضاربة التي تطيح بالدول والشعوب، وبسرعة تفوق سرعة البرق ينتقل من بلد إلى آخر، فلا نملك الا الصبر، والاحتياط قدر الإمكان، وان نتذكر أيضا ان الاضرار الإنسانية والاقتصادية في العالم، لن تستثني أحدا في هذه الدنيا، امام عالم بات مثل قرية صغيرة ؟.
وحدنا العرب، علينا ألا نخاف، فلا شيء لدينا لنخسره، وفينا ما هو أسوأ من الفيروس، وتأثيراته، وقد مر علينا ما هو أخطر بكثير منه، طوال العقود الماضية.(الغد)

اترك رد