صالح فخري العجلوني يكتب: القطاع الطبي الخاص ضرورة صحية واقتصادية

124

مع تنامي أزمة كورونا عالمياً والتخوف من تفشي المرض، قامت الدولة الأردنية بفرض إغلاق كامل لكافة القطاعات لكبح انتشار العدوى، ومع مرور أكثر من شهر على اغلاق قطاعات عديدة والسماح لبعضها بالعودة لممارسة أعمالها.
ينطوي الاستمرار في اغلاق العيادات الطبية الخاص والمؤسسات الطبية الأخرى التابعة للقطاع الخاص على العديد من المخاطر الصحية والاقتصادية أيضاً. على المستوى الصحي، هنالك الكثير من الحالات الطبية التي تحتاج لمراجعة دورية لمتابعة علاجها مع الأطباء في القطاع الخاص، والعديد من هذه الحالات قد تدهور أو تعاني من زيادة في المعاناة الصحية نتيجة عدم متابعة العلاج وتقديمه لها في الوقت المناسب. لا شك بأن أطباء القطاع الخاص يقومون بدورهم من حيث متابعة حالات مرضاهم عن طريق الهاتف، ولكن هذا لا يغني عن المراجعة الشخصية. إذا لم يتمكن هؤلاء المرضى من الحصول على العلاج فإننا سنكون قد منعنا الوفاة والمرض من كورونا المتجدد وتسببنا بالعديد من الآلام الأخرى أو الوفاة لا سمح الله نتيجة اهمالنا للظروف الصحية الأخرى للمواطن الأردني.
كذلك، يجب ألا ننسى بأن القطاع الطبي الخاص كان على الدوام جزءاً أساسياً من المنظومة الطبية الأردنية الكفؤة ذات التنافسية العالية في الإقليم، كما أن القطاع الطبي الخاص كان على الدوام يطبق كافة الإجراءات الوقائية التي تطبق في القطاع العام. وهنا نتساءل لماذا يتم النظر للقطاع الطبي الخاص بعين الريبة اليوم.
أما بالنسبة للجانب الاقتصادي، فلا حاجة في هذا السياق للتذكير بأن القطاع الطبي الخاص هو أحد أهم الروافع الاقتصادية للأردن. ويعتبر الحفاظ على المنعة الاقتصادية والمالية للقطاع الطبي الخاص أحد أهم العوامل التي ستمكننا من تسريع تعافي اقتصادنا الأردني.
يوجد في الأردن أكثر من 11 ألف عيادة طبية ناهيك عن مراكز الاشعة والمختبرات وغيرها من المؤسسات الطبية المساندة، جميع هذه المؤسسات مغلقة وكانت تعاني بالأصل من مشاكل في السيولة قبل الأزمة الحالية نتيجة الوضع الاقتصادي العام. اليوم تتراكم العديد من الالتزامات امام هذه المؤسسات نتيجة المصاريف الثابتة المرتفعة لهذا القطاع من رواتب عاملين وايجارات عدا عن المطالبات المالية للموردين والبنوك والعديد من المصاريف الأخرى.
بناءً على المعطيات المذكورة، فلابد لنا من اعادة النظر في استمرار اغلاق هذا القطاع والذي ان طال فتبعاته الصحية والاقتصاديه ستسبب ازمة قد يطول حلها ولابد لنا من التاكيد على ان اطبائنا هم الاجدر بأن يتواجدوا في الميدان فهم اعلم الناس بوباء كورونا المستجد وسياسة منع تفشي المرض وضعت من خلالهم فهم الأعلم بكيفية تطبيقها.
وفي هذا السياق، نقترح إعادة تشغيل العيادات الطبية الخاصة والمراكز الطبية المساندة لها للحفاظ على صحة مواطننا والحفاظ على ديمومة عمل هذه المؤسسات. ويمكن القيام بذلك من خلال إصدار تعليمات وقائية صارمة ومشددة من خلال وزارة الصحة وبالتعاون مع نقابة الأطباء بحيث يتمكن أطباء القطاع الخاص من مزاولة أعمالهم والحفاظ على صحة الانسان الأردني في مواجهة كورونا والأمراض الأخرى على حدٍ سواء.
أيضاً، من المهم الانتباه إلى أن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن فترة انتشار الوباء ستطول إلى أن يتم الوصول إلى لقاح، وهذا يستوجب التعايش مع الوباء من خلال تطبيق سياسات مرنة تعيد الحياة إلى طبيعتها وتراعي الحالة الوبائية. وللتعايش مع ذلك يمكن العمل على تفعيل دور القطاع الطبي الخاص من خلال تشغيله مع اتخاذ التدابير الوقائية وإصدار تعليمات لنقل المرضى حيث يمكن الاستفادة من تطبيقات النقل الذكية وتطبيقات الكترونية أخرى لحجز المواعيد الطبية.
خلاصة القول، القطاع الطبي الخاص جزء من المنظومة الطبية والاقتصادية الأردنية، دوره مهم في الوقاية من الأمراض والحفاظ على صحة الانسان الأردني، ولا يقل هذا الدور عن الدور الاقتصادي للقطاع الطبي في إعالة آلاف الأسر الأردنية. سيكون علينا التعايش مع الوباء، فإما أن نتعايش مع الوباء من خلال سياسات مرنة أو ندفع الثمن لاحقاً بعد فوات الأوان.

صالح فخري العجلوني

استشاري دماغ وأعصاب أطفال

اترك رد