الانتخابات النيابية بين الاستحقاق الدستوري و التأجيل

108

الأردن اليوم – بحلول الربع الاخير من عام 2020 يرتب استحقاقا دستوريا لإجراء الانتخابات النيابية للمجلس التاسع عشر و منذ عام 1989 استقر اجراء الانتخابات النيابية كل اربع سنوات في موعدها الدستوري المحدد، ولكن لما يعيشه العالم اجمع والاردن ليس بمنأى عن ازمة كورونا غير المتوقعة ، يتطلب الحديث بهذا الاستحقاق ولتوضيح ذلك سيتم مناقشته وفق استحقاقه الدستوري والمدد الزمنة المحددة لذلك وبدائل عدم اجراء الانتخابات

أولا: حدد الدستور الاردني وفق ما جاء بالمادة (68) مدة مجلس النواب اربع سنوات شمسية (مدة مجلس النواب اربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ اعلان نتائج الانتخابات العامة في الجريدة الرسمية ) وجاء في الفقرة (2/68) يجب اجراء الانتخاب خلال الشهور الاربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس . ) اذا الاستحقاق الدستوري لموعد انتخابات محدد واضح ولا يجوز ابتداء التغافل عنه، وهذا التحديد جاء على وجه الالتزام به (يجب)اجراء الانتخابات خلال الشهور الاربعة ، وان عدم التزام السلطة التنفيذية بإجراء الانتخابات خلال المدة المحددة يعني مخالفة دستورية واضحة

ثانيا: في ظل الظروف التي تمر بالبلاد والتي يقدم فيها معيار الصحة العامة للمواطنين على كل المعاير الاخرى والتي لا تقل اهمية عن الصحة العامة مثل الاعتبار الاقتصادي والاجتماعي ،هذا ظاهر من التصرفات و الإجراءات التي قامت بها الحكومة وانه لا تهاون في ذلك لان الهم الاكبر الذي يشغل العقل السياسي والاداري للحكومة هو عدم تفشي الوباء و مواجهة ذلك بكل السبل و الطرق المتاحة

و يأتي السؤال كيف سيتم التعاطي مع الاستحقاق الدستوري لإنجاز انتخابات مجلس النواب التاسع عشر ؟

ان الواجب الوطني يحتم علينا الحرص على استدامة العملية الديموقراطية في الموعد المحدد الملزم وفق الدستور وعلى الرغم من العمل بقانون الدفاع الذي لن يعطل اجراء الانتخابات النيابية في موعدها واذا ما علمنا ان تاريخ انتهاء مدة المجلس الثامن عشر يكون في (27/ ايلول ) وان تاريخ استحقاق عقد الدورة العادية يكون في (الأول من تشرين الأول ) ونحن نعلم ما يصاحب العملي الانتخابية من زيارات وعقد لقاءات وحشود جماهيرية بما يخالف ما يتم العمل به صحيا وليس امامنا الكثير من الوقت خاصة وان هذه الجائحة وان تم محاصرة انتشار الوباء الا ان الاجراءات الوقائية المستقبلية ستستمر لمدة قد تتجاوز شهر تشرين الاول وبخلاف اعلان الحكام العرفية والتي لا يوجد اي مبرر لإعلانها او تفكير لإعلانها لابد من التوفيق بين استدامة العملية الديمقراطية والمحافظة عليها وبين مواجهة ازمة كورونا

وللإجابة على ما تقدم من استفسارات نجد ان الدستور الاردني وهو يحاكي الحرص على الديموقراطية واساسها اجراء الانتخابات النيابية في موعدها لم يقف صامتا امام هذه الحالة وطرح حلول و مخارج قانونية واضحة يمكن العمل بها و تأتي بأحد مساريين:

ا- يبقى مجلس النواب الثامن عشر منعقدا وهنا يأتي تفعيل ما يعرف بقاعدة (مجلس يسلم مجلس) اي ان يبقى هذا المجلس منعقدا حتى اجراء انتخابات نيابية وفق استحقاقها الدستوري و الإجرائي المنصوص عليها في قانون الانتخابات بمدة زمنية (105) يوما مجدولة من قبل الهيئة المستقلة للانتخابات المناط بها اجراء الانتخابات والاعلان عن الفائزين بعضوية المجلس الجديد وهذا الخيار وفق المادة (68) من الدستور ( فإذا لم يكن الانتخاب قد تم عند انتهاء مدة المجلس او تأخر بسبب من الاسباب يبقى المجلس قائما حتى يتم انتخاب المجلس الجديد )

ب- اما الخيار الاخر الذي يحتاج الى ارادة ملكية وفق الفقرة (1) من ذات المادة ( وللملك ان يمدد مدة المجلس بإرادة ملكية بمدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد عن سنتين ) هذا النص الدستوري منح الملك صلاحية تمديد عمر المجلس القائم بمدد محددة

من المؤكد ان استدامت العملية الانتخابية مطلب دستوري و حزبي و سياسي و اجتماعي ويعزز مكانة الدولة بين الدول العريق ديمقراطيا ويدلل على الاستقرار السياسي والقانوني في الدولة ، وقد يكون ما يمر بالوطن من ظروف استثنائية اكثر الحاحا على انعاش الحياة السياسية الحزبية للاستفادة من كل الطاقات البشرية لمواجهة هذا الظرف والذي بنفس الوقت قد يدعو صاحب القرار للتفكير بتمديد عمر المجلس النيابي رغم كثير الانتقادات و الاحباط الذي وجه لأداء هذا المجلس وعدم الرضى عن ادائه بالمجمل و لتخفيف حدة الانتقادات او معارضة هذا التوجه و لانعاش الحياة السياسية و الحزبية للارتقاء بالوطن ولتكون جائحة كورونا منحة اتجاه العمل السياسي و الحزبي لإنجاز مجلس نيابي يلبي طموح المواطنين ويحقق ما يصبو له السياسيين من تشكل مجلس نيابي يغلب عليه البرامج الحزبية والحضور للمشاريع الجمعية وليس الفردية بعد انقشاع هذه الازم لا بدة من العمل بشكل واضح و صريح لتعديل قانون الانتخابات خلال مدة التمديد ليتم اجراء الانتخابات القادمة وفق قانون عصري يحاكي تطوير العمل السياسي الحزبي في الاردن و لتكن فترة التمديد مفيدة و منتجة وبعيدة عن اي صخب او اعتراض ويحصل الوطن على مجلس نيابي يستطيع مواجهة ما يمكن ان يحصل من تداعيات بعد ازمة الوباء سواء سياسية وأو اقتصادية محلية او اقليمية أو دولية يتنبأ بها الكثيرون

اترك رد