فلسطين تواصل حراكها الثقافي رغم جائحة كورونا
لم يمنع وصول فيروس “كورونا” الذي وصلت جائحته الى فلسطين في بدايات آذار الماضي صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة لمؤسسات معنية بالثقافة من بث أنشطتها عبر منصاتها الالكترونية، وتقديم العروض الثقافية والفنية لجماهيرها ومتابعيها.
ورغم أن الفيروس شل معظم نواحي الحياة العامة والخاصة في فلسطين، حالها كحال أكثر من 170 دولة في العالم، مثلما علق النشاطات الثقافية ومن أبرزها فعاليات بيت لحم عاصمة الثقافة العربية 2020 والذي كان من المقرر أن تحتفل فلسطين بها مطلع نيسان، ولأن الثقافة أساس وهوية واستمرارية، فقد جاهدت وزارة الثقافة الفلسطينية والعديد من المؤسسات والمراكز التي تعنى بالثقافة، في سبيل استمرار الحراك الثقافي الكترونيا.
زبحسب تقرير لـ (فانا)، شهدت فلسطين في الثلث الأول من هذا العام حراكا ثقافيا تُوج بفوز الشاعرتين والأديبتين الفلسطينيتين سلمى خضراء الجيوسي، وابتسام بركات بجائزة الشيخ زايد للكتاب 2020.
وفازت الجيوسي (92 عاماً) بجائزة الشيخ زايد لشخصية العام الثقافية 2020، ومُنحت ميدالية ذهبية تحمل شعار الجائزة وشهادة تقدير، بالإضافة إلى مبلغ مالي بقيمة مليون درهم.
واختيرت الجيوسي لأنها أنجزت على امتداد عشرات السنوات عدة أعمال كبرى ذات طبيعة موسوعية خصت بها الشعر العربي الحديث والأدب الفلسطيني والحضارة الأندلسية، إلى جانب الترجمات التي قامت بها لأعمال من المسرح والشعر والأدب الشعبي.
فيما فازت بركات بجائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع “أدب الطفل والناشئة” عن قصتها “الفتاة الليلكية” الصادرة عن مؤسسة “تامر للتعليم المجتمعي” 2019.
كما فاز فيلم “هل تراني” الذي انتجته مؤسسة “قامات” لتوثيق النضال الفلسطيني، مساء امس الإثنين، بمهرجان صور السينمائي الدولي في لبنان على مستوى لجنة التحكيم؛ حيث تنافس في هذا المهرجان حوالي 52 من الأفلام القصيرة من مختلف دول العالم.
وعلى صعيد متصل أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية الفنان الفلسطيني محمد بكري الشخصية الثقافية للعام 2020، ضمن فعاليات يوم الثقافة الوطنية.
ويعد البكري رائدا من رواد السينما والمسرح الفلسطينيين، وهو دوما منشغل بقضايا شعبه والإنسانية جمعاء؛ من خلال إعادة تدويرها بكلّ الطُّرق والأشكال الإبداعية، وإيمانه بأنَّ الفنَّ يخلق الوعي ويحرر الإنسان، ويساهم في رفع شأن الإبداع الفلسطيني.
وشكلت أعماله المونودرامية، خاصة “المتشائل” علامة فارقة في مسيرته المسرحية، كما شارك فيما يزيد على 40 عملا سينمائيا فلسطينيا وعالميّا، علاوة على الأعمال الدرامية، إضافة إلى عمله السينمائي “1948” لمناسبة خمسين عاما على النكبة، وفيلم “جنين جنين” 2002، الذي يتحدث عن بشاعة الاحتلال في مخيم جنين وتدمير المخيم، ويواجه بسببه الآن محاكم الاحتلال.
فيما شهدت الأيام الأولى من العام الحالي، رحيل الكاتب والإعلامي والمناضل في صفوف الثورة الفلسطينية، رسمي حسن محمد علي، المعروف بالأوساط الثقافية برسمي أبو علي، المولود في المالحة (المهجرة قرب القدس) عام 1937، وهجر منها مع عائلته إلى منطقة دير الكريزمان في بيت جالا القريبة، متنقلا بين منافٍ ومدن عدة: بيت لحم، وعمان، وبيروت، وهو شقيق مصطفى أبو علي أحد مؤسسي السينما الفلسطينية وسينما الثورة.
كما خسرت الثقافة الفلسطينية والعربية أحد ابرز وجوه الفن والمسرح في عالمنا العربي منذ عام 1965، حيث رحل الفنان الفلسطيني والمسرحي العريق عبد الرحمن أبو القاسم، المولود في بلدة صفورية بالناصرة عام 1942، عن عمر يناهز (78 عاما). وكانت حياته مسيرة فنية حافلة بالعطاء، فقد بدأ العمل في المسرح المدرسي عام 1954 وتحديداً في مدارس دمشق، وبعد ذلك تنقل في عدد من الفرق السورية المحلية منها “الفرقة السورية للتمثيل، ونادي الأزبكية، والنوادي التي كانت تابعة لوكالة الأونروا في المخيمات الفلسطينية.
وشارك أبو القاسم في عشرات الأعمال المسرحية والأعمال الفنية والمسلسلات العربية العريقة، طيلة 55 عاما، تاركا أثرا كبيرا في نفوس الفلسطينيين والعرب.
وأطلقت وزارة الثقافة الفلسطينية على صفحتها الرسمية على “فيسبوك” مبادرة “طلات ثقافية” تستضيف فيها شخصيات ثقافية فلسطينية في الوطن والخارج، من أدباء وشعراء ومسرحيين وفنانين وموسيقيين، يقدمون من خلالها حياتهم الشخصية والإبداعية ورسالتهم الثقافية والفنية، ويتلقون أسئلة المتابعين حول أعمالهم ومسيرتهم. كما أطلقت مؤسسة الفيلم الفلسطيني مبادرة “منصة الفيلم الفلسطيني”، والتي تعرض عبر موقع المؤسسة وصفحتها في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” فيلماً فلسطينياً كل أسبوع، واستضافت مُخرج العمل في إطلالة عبر الواقع الافتراضي في الزمن الكورونيّ. فيما انطلقت فعاليات مهرجان رام الله للرقص المعاصر في نسخته الخامسة عشرة وشمل حفل الافتتاح الرمزي، الذي تبثه الصفحة الرسمية للمهرجان، الذي تنظمه سرية رام الله الأولى، عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، على كلمات ورسائل مقتضبة للجهة المنظمة وإدارة المهرجان، وممثلين لفرق كان من المفترض أن تقدم عروضها في أماكن مختلفة بمدينة رام الله وخارجها، بينما عرض مسرح الحرية في مخيم جنين أفلام ومسرحيات وعروض فنية عبر صفحته على “فيسبوك”.
كما ظهر بعض الفنانين عبر الفيديو كالحكواتي محمد الحاج أحمد يقدم خلالها روايات للأطفال والكبار، فيما تقدم الحكواتية لينا داود من حيفا فيديو مصوراً تعده خصيصاً، كما شارك مركز خليلي السكاكيني بعروضه وندواته الفكرية عبر وسائل التواصل. بدوره، أطلق المتحف الفلسطيني حملة “متحفك في بيتك: في الظروف الاستثنائية، فلسطين مستمرة”، وتتمثل بتوفير تجربة متحفية معرفية وتعليمية عبر منابره الرقمية، ومنصاته على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتهدف الحملة إلى تقديم محتوى متعلق بالتاريخ والثقافة الفلسطينية للجمهور، ومنحهم فرصة استكشاف متاحفهم الشخصية (من صور وأرشيفات وقطع في بيوتهم) والمتحف الفلسطيني أثناء تواجدهم في منازلهم، وإفساح المجال لهم للتفاعل مع أرشيفاتهم المنزلية والبحث في تاريخهم الشخصي.
واختتمت وزارة الثقافة في آذار الماضي، فعاليات القدس عاصمة الثقافة الإسلامية 2019، وشملت 150 فعالية انطلقت في مختلف محافظات الوطن في مختلف حقول الثقافة والإبداع، إضافة إلى تنظيم الأسابيع الثقافية الفلسطينية في كل من الأردن والبحرين. كما وقعت الثقافة بداية العام الجاري، 19 اتفاقية في عدة حقول ثقافية من مشاريع الصندوق الثقافي الفلسطيني الدورة السادسة/ المرحلة الثالثة لمؤسسات وأفراد من مختلف محافظات الوطن، وسبع اتفاقيات لدعم مشاريع ثقافية فنية في القدس.
بدوره، أعلن المتحف الفلسطيني، بداية العام الجاري، عن إطلاق 17 منحة بحثية حول الثقافة الفلسطينية حول أربعة مواضيع أساسية، هي: تاريخ الفنّ في فلسطين من القرن التاسع عشر وحتّى أواخر القرن العشرين (التسعينيات) وخطاباتهِ، والسّاحل الفلسطيني من أواخر العهد العثماني وحتّى الوقت الحاضر، وتاريخ الطّباعة في القدس، ورؤى جديدة للثّقافة الفلسطينيّة المُعاصرة.
وأعلن وزير الثقافة عاطف أبو سيف عن تأجيل فعاليات بيت لحم عاصمة الثقافة العربية 2020 الذي كان من المقرر أن تحتفل فلسطين بها مطلع نيسان بسبب كورونا.
وقال، إن الوزارة جهزت حوالي 450 نشاطاً منذ نيسان 2020 وحتى نيسان 2021 في كافة محافظات الوطن وفي الداخل وفي مخيمات الشتات، مشيرا إلى الفعاليات التي خططت الوزارة لتنفيذها بين آذار وحتى نهاية آب وتم إلغاؤها، وشملت 330 نشاطاً، منها فعاليات يوم الثقافة الوطنية في 13 آذار، ومعرض الكتاب الوطني في بيت لحم في نيسان، ومعرض الكتاب الدولي الذي كان مقررا إقامته في تشرين الأول، وتأجيل ملتقى الرواية ومهرجان المسرح وأسبوع التراث وسمبوزيم النحت وبرنامج النشر.
ومنحت مؤسسة محمود درويش في ذكرى ميلاده، في يوم الثقافة الوطنية الذي يصادف الثالث عشر من شهر آذار من كل عام، جائزة محمود درويش للثقافة والإبداع في دورتها الحادية عشرة للعام 2020، إلى كلٍّ من: المفكر الأميركي نعوم تشومسكي، والشاعر والمترجم المغربي عبد اللطيف اللعبي والشاعر والباحث الفلسطيني زكريا محمد، كما منح المجلس التنفيذي للمؤسسة جائزة الشرف الخاصة للشاعر اللبناني شوقي بزيع، دون تنظيم الحفل السنوي المعتاد لإعلان الجائزة لهذا العام، في مساء اليوم الذي يصادف ذكرى مولد درويش، من متحفه في رام الله، الذي سبق وأعلن عن إغلاق أبوابه أمام الزوار والفعاليات، التزاما منه بحالة الطوارئ.
وفي سياق متصل، شهد آذار الماضي، تكريمات مميزة لدرويش في الوطن والخارج، حيث نظمت مدينة الموسيقى الباريسية “فيلهارموني” فعاليات ثقافية موسيقية تكريما للشاعر محمود درويش، أحياها المايسترو الفلسطيني رمزي أبو رضوان مع فرقته، التي تضم أكثر من عشرين عازفا، والفنانتان كاميليا جبران وناي البرغوثي والفنانة التونسية غالية بن علي وأوركسترا أمواج، التي تضم اطفالاً فلسطينيين بمشاركة فرقة أطفال أوركسترا باريس، واختتمت الفعاليات الموسيقية بسهرة للفنان اللبناني مارسيل خليفة.
وعقدت عدة ورشات عمل ومحاضرات حول الحياة الموسيقية في فلسطين، والإيقاعات في العالم العربي، وغيرها من المواضيع التي شكل الراحل الكبير محمود درويش محورا من أهم محاورها.
إلى ذلك صدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، كتاب بعنوان “مقالات اليوم السابع” يضم مقالات مجلة اليوم السابع التي كانت تصدر نهاية الثمانينيات، والتي كتبها درويش، قبل أن تتوقف المجلة عن الصدور عام 1990، واختار المقالات وحررها الكاتب حسن خضر.
وصدر العديد من الاعمال الأدبية منذ بداية العام، ومنها كتاب “أوراق سياسية” لناصر القدوة، ورواية “وادي الغيم” لعامر سلطان، ورواية (نَبضانْ) “خفقة بين قلبين” لأسماء زيود، كما أطلقت وزارة الثقافة الفلسطينية ثلاثة إصدارات جديدة من أدب المعتقلات هي: “ثقافة الإرادة وإرادة الثقافة” للكاتب حسن عبد الله، و”الصدور العارية” للكاتب خالد الزبدة، و”العناب المر” للكاتب أسامة المغربي.
وأطلقت الكاتبة والروائية أسماء أبو عياش، كتابها الجديد “فدائي عتيق” حول زوجها عدنان أبو عياش، وحكاياته منذ التحاقه بالثورة الفلسطينية.
وأصدر الكاتب خالد جمعة كتاب مقالات “عن أصدقائي الشهداء” عن الأهلية للنشر والتوزيع في الأردن.
واحتضن متحف درويش إطــلاق كتـاب “الشخصية المركزية في السرد القصصي” للكاتبة سهيلة عبد اللطيف، و”قلب الذئب” لماجد ابو غوش، و “نحـو تجـديـد الفـكـر القـومي العـربـي – مراجعـة نقـديـة لاستخـلاص العبـر” لنافع الحسن. وفي مؤسسة القطان، جرى إطلاق كتاب “الثكل الفلسطيني من منظور جنسوي: قومي وديني” للكاتبة مرام مصاروة، ويدرس الكتاب ظاهره الحزن الفردي والجماعي في المجتمع الفلسطيني، فيما أصدرت القطَّان، بالشراكة مع دار الأهلية للنشر والتوزيع في الأردن، الترجمة العربية لكتاب “قراءة العالم: ما يتعلمه الأطفال الصغار من الأدب” للمؤلفة الجنوب أفريقية ساندرا سميت، وترجمة سيرين حليلة، وعبد الله البياري.
–(بترا)