سميح المعايطة يكتب: العدو الصهيوني
كتب: وزير الاعلام الاسبق سميح المعايطة
عبر تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي كان مصطلح العدو الإسرائيلي جزءا من خطاب بعض المراحل قبل ان يتحول إلى مصطلحات أخرى، وفي علاقة الاردن مع إسرائيل كان مصطلح العدو حاضرا ومازال ،فالتاريخ الذي فيه عدوان وشهداء وجرحى يحمل على الجانب الآخر عدوا.
وعندما جاءت معاهدة السلام تحول الأمر سياسيا ورسميا وحتى في أوساط بعض من استفادوا من المعاهدة في مصالحهم الاقتصادية والسياحية والسياسية تحول إلى دولة تربطنا معها معاهدة وصلح .
لكن كيان الاحتلال يصر ويعمل بشكل منهجي على أن يبقى بالنسبة للأردن ” العدو الاسرائيلي”.
امس تحدث الملك للاعلام الالماني عن الموقف الاردني من خطط حكومة الاحتلال لضم اجزاء من الضفة الغربية وغور الاردن الفلسطيني واطلق عبارات تحذيرية بان صداما كبيرا سيقع بين الاردن واسرائيل اذا اقدمت على تنفيذ هذه الخطط ، وهذا الصدام سيحدث لان الاردن حينها لن يعود عليه من ما يسمى عملية السلام الا الخسائر، فضياع الضفة او انهيار السلطة وقتل حل الدولتين سيعني اننا في الاردن الخاسر الاكبر وسنكون مهددين في استهداف الهوية الوطنية الاردنية وحتى الجغرافيا الاردنية.
هم من يصنع العداء فدولة مثل الاردن عرفها العالم مخلصة لفكرة السلام الحقيقي عندما تصل الى مرحلة اليأس من بقاء هذا السلام ولايعود للمعاهدة اي قيمة او فائدة للاردن واستقراره فهذا يعني ان السلام مستحيل وان السبب هو ذلك الطرف الذي يؤكد انه لايصلح الا ان يكون عدوا.
وحتى بعض العرب الذين يعتقدون ان وجود علاقة تربطهم مع كيان الاحتلال قد يكون مفيدا عبر تطبيع ليس مرتبطا بما يحدث على المسار الفلسطيني فانهم في ظل التجربة الاردنية عليهم ان يتوقفوا طويلا لان كيان الاحتلال يقدم نفسه طرفا يستعمل الاخرين وليس شريكا في اي مستوى من السلام .
حديث الملك امس هام لانه ينعى محاولة لصناعة السلام لم تصمد امام طبيعة هذا الكيان التوسعية التي لم تحرص على علاقة مع طرف هو الاصدق تجاه فكرة السلام وهو الاردن .
في العقل الصهيوني اليوم قناعة بأن الأبواب مفتوحة أمام كيان الاحتلال في العالم العربي وأن هناك علاقات على وشك الإعلان او التطوير مع دول عربية عديدة ،وحتى السودان المنهك بكل الأزمات دخل بوابة العلاقات مع إسرائيل ،وهي علاقات تتطور إلى أدوار السودان في إفريقيا.
وكيان الاحتلال يشعر اليوم ان علاقته مع الأردن أو مصر يمكن تعويضها بعلاقات مع دول عربية مهمة أخرى على حساب العلاقة مع الأردن الذي تتعامل قيادته بحزم وندية مع كل التجاوزات والسياسات الصهيونية في كل الملفات.
لكن الدول العربية التي يتحدث عنها نتانياهو بأن كيانه على علاقة سرية معها وأنها قابلة للتطوير لا يمكنها في اي وقت تحمل ما تفعله إسرائيل تجاه الملف الفلسطيني أن لم يكن من باب القناعة فمن باب المصلحة.
كيان الاحتلال الذي اختار اليمين المتطرف في اخر ثلاث انتخابات للكنيست التي جرت في الاشهر الماضية يسير بسرعه ليعود إلى موقعه الحقيقي وهو “العدو الاسرائيلي” بعدما كانت المعاهدة أخرجته منه ولو بشكل رسمي أو لدى المؤمنين بإمكانية وجود سلام بين العرب وإسرائيل.
هي العقيدة السياسية التي تحكم كيان الاحتلال، عقلية لا تؤمن بفكرة السلام بل ترى في العملية السياسية أداة لتحقيق مصالح الاحتلال ،فإن وجدت هذه المصالح في مسار آخر أدارت ظهرها لما مضى تماما مثلما يفعل كيان الاحتلال اليوم مع الأردن.
بالنسبة الأردنيين فإن اي طرف مهما كان شكل العلاقة معه يهدد الهوية الوطنية الأردنية ،ويفتح الأبواب أمام مخططات التوطين والوطن البديل وقتل فكرة الدولة الفلسطينية هو عدو حقيقي، والقيمة السياسية للمعاهدة بين الطرفين تزول اذا كانت فقط بوابة لخدمة الاحتلال وبعض أصحاب المصالح الاقتصادية والسياسية ، فمن يهدد وجود الدولة الأردنية ويعمل على أن يدفع الاردنيون من هويتهم الوطنية ثمنا لخدمة الاحتلال هو عدو ،ولهذا فإسرائيل تعود بسياستها تعود مسرعة لتحتل موقع “العدو الاسرائيلي” حتى في معسكر المؤمنين بفكرة السلام .