بلال التل يكتب: الملك يكسر حاجز الخوف

129

مازالت أصداء حديث جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين, لمجلة دير شبيغل الألمانية تتواصل, خاصة اعلان جلالته عن دراسة كل الخيارات, لمواجهة أي قرار “إسرائيلي” بضم أجزء من الضفة الغربية, وهو إجراء سيؤدي كما قال جلالته إلى صدام كبير.

بعض هذه الاصداء شابها نوع من الاستغراب, والتعجب المصحوب بسؤال, عن إمكانيات الاردن وقدرته على الصدام مع إسرائيل, ولهؤلاء نقول أن كسب المعارك لا يكون بامتلاك ترسانات الاسلحة فقط, فقد تعلمنا من التاريخ أن أول خطوات كسب المعارك, وتحقيق النصر على عدوك, تكمن في كسر حاجز الخوف منه وعدم التردد في التعامل معه, وهو ما فعله جلالته أكثر من مرة, كان اكثرها وضوحاً إلغاء قرار ملحقي الباقورة والغُمر, وجلالته بكسره حاجز الخوف من “إسرائيل” يضع الأمة على أول طريقها للوصول إلى حقوقها في فلسطين, فطالما صورت وسائل الإعلام “إسرائيل” بالكيان الذي لا يقهر, فإذا عبدالله الثاني يقهرها سياسياً في الباقورة والغُمر, مثلما سبق أن قهرها الأردن عسكرياً في معركة الكرامة.

بكسر جدار الخوف يصبح الوصول الى الاهداف ممكناً حتى بدون استخدام القوة العسكرية, فكم من نصر تحقق دون اللجوء للسلاح, وصلح الحديبة أوضح مثال على هذه الحقيقة في تاريخ البشرية, الذي يعلمنا أيضاً أن كل اسلحة الدنيا لا تستطيع قهر ارادة مصممة على الدفاع عن حقوقها, وهذه حقيقة راسخة في تاريخنا وحضارتنا, فمنذ البدء كانت هذه الامة لا تقاتل اعتماداً على عدد وعدة, ولكن بايمان وعزيمة, دفاعاً عن قضية, وجلالته في موقفه هذا يدافع عن أعدل قضية عرفها تاريخ البشرية.

وعند الدفاع عن القضايا العادلة لا يجوز الحديث عن نظريات توازن القوة, فلو انتظرت الشعوب حدوث التوازن العسكري بينها وبين مستعمريها, لما تغير شيء في الكثير من وقائع التاريخ. ولما تغيرت طبيعة العلاقة بين الشعوب, وبين المستعمر والمحتل, وهذا لا يعني أن لا نأخذ بكل أسباب تحقيق الهدف ومواصلة الإعداد للمواجهة, فالأصل هو مواصلة الاستعداد, وعدم التفريط بالحق او القبول بشروط العدو والاستسلام له, وهو بالضبط ما فعله ويفعله جلالة الملك وهو يكسر حاجز الخوف بإلغائه ملحقي الباقورة والغُمر .

بإعلان جلالته أن الأردن يدرس كل الخيارات, للرد على أي خطوة “إسرائيلية” لضم أجزاء من الضفة الغربية, ملوحاً بصدام كبير, فإن جلالته يعلن أنه ليس للخوف مكاناً في خياراتنا الوطنية .

اترك رد